Nombre total de pages vues

samedi 7 juin 2025

المنهج الموضوعاتي: من النظرية إلى الإجراء مقاربة ابستيمولوجية لكتاب "التحليل الموضوعاتي للخطاب الشعري" ليوسف وغليسي


فصل من كتاب جماعي "القلق المنهجي في الممارسات النقدية الجزائرية" دار ألفا للوثائق- 2022- ص361



 

(المحور الخامس، نقد النقد لتجارب نقدية جزائرية)

 

د. رياض بن يوسف

- جامعة قسنطينة 1- منتوري

 

الملخص:

   يمثل النقد الموضوعاتي تجربة معزولة - نسبيا - في الحقل الأكاديمي الجزائري وحتى العربي، ولعل دراسة الدكتور "يوسف وغليسي" الموسومة ب "التحليل الموضوعاتي للخطاب الشعري" والمتوجة بجائزة البابطين، تمثل علامة فارقة في الفضاء النقدي الجزائري، إذ يسعى الناقد من خلالها إلى تجذير وتكريس المقاربة الموضوعاتية من خلال المزاوجة بين جانبيها التنظيري والإجرائي، وهو ما نعتقد أنه قد نجح فيه إلى حد بعيد، دون أن يعني ذلك تنزيهه عن المساءلة التي تمس دراسته في مهادها النظري ومُخرجاتها الإجرائية، فلا ريب أن أي اجتهاد نقدي لن يخلو ضرورة من ثغرات ونقائص تستدعي الترميم سواء على مستوى الرؤية المنهجية والمنطلقات النظرية، أو على مستوى الأدوات الإجرائية ومدى نجاعتها الفعلية. إن بحثنا يندرج في سياق نقد النقد، أي أن مقاربتنا ستكون ابستيمولوجية، لأنها - من جهة- تنطوي على تساؤل مشروع حول الجدوى النظرية والإجرائية للمنهج الموضوعاتي من منظور شامل، كما أنها - من جهة أخرى- تستجوب مدونة نقدية محددة تمثل عرضا متكاملا للمنهج.

الكلمات المفتاحية: النقد الموضوعاتي، يوسف وغليسي، الابستيمولوجيا، نقد النقد

Résumé

L’approche thématique des textes littéraires est toujours isolée au sein du champ critique algérien voire arabe. Or le livre du  chercheur algérien Youssef Ouaghlissi intitulé « L’analyse thématique du discours poétique » -couronné par un notable prix arabe - représente « Une Première » au sein de l’espace de la critique littéraire algérienne puisque notre critique en a fait un outil pour « enraciner » ce type d’approche thématique en accouplant la théorie et la pratique et ceci - a notre humble avis-est un projet réussi..mais cela n’empêche aucunement de constater que son ouvrage laisse certaines lacunes repérables sur les deux volets : théorique et pratique.

Notre Approche du corpus étudié s’inscrit dans le contexte Méta-critique c’est-à-dire dans le contexte épistémologique car elle est fondée- d’un coté-  sur un questionnement légitime quant à l’efficacité théorique et pratique de l’approche thématique et cela à partir d’un point de vue large, et d’un autre coté elle fait l’analyse d’un corpus critique donné qui se veut un exposé intégral de la méthode thématique.


 

Mots clés : Critique thématique, Youssef Ouaghlissi, épistémologie, Méta-critique

 

 

مقدمة:

يقوم الخطاب النقدي حسب ما يرى "محمد بوعزة" "بوظيفة احتوائية تتمثل في إنتاج بؤرة تسمح للمعرفة بأن تنتظم حول حقيقة تقدم نفسها كنموذج مطلق، من خلاله تكرس المقاربات النقدية تأويلات نهائية وأحادية".[1]

ولهذا فطرائق الخطاب النقدي "تنتج التعالي. وهذا ما يجعل المفاهيم والمسلمات تتحول إلى عائق ابستيمولوجي أمام تطوير المعرفة".[2] 

إن مثل هذه النرجسية الخطابية تستدعي خطابا آخر يستولي عليها ويفككها ليجردها من نرجسيتها، ويذكرها بتخومها النظرية والإجرائية، فكل خطاب ناقد للنقد هو بالضرورة خطاب ابستيمولوجي، لأنه يتجاوز اللغة الواصفة إلى اكتناه مكامن الخلل والقصور في الخطابات النقدية، وسبْر تماسك بنيتها النظرية، وامتحان جدواها الإجرائية.

في هذا السياق ارتأينا مساءلة المنهج الموضوعاتي، بوصفه منهجا معزولا في ساحة النقد العربية، من خلال دراسة الدكتور "يوسف وغليسي" الموسومة ب "التحليل الموضوعاتي للخطاب الشعري" والمتوجة بجائزة البابطين، وهي من نمط الدراسات الموسوعية التي تستقصي تاريخ المنهج من خلال أعمال رواده دون أن تغفل نقاد الهامش، كما أنها تتتبع باستقصاء صبور نماذج الدرس الموضوعاتي في النقد العربي سواء أكانت مخلصة لمبادئ المنهج، أم متقاطعة معه بنحو من الأنحاء، ثم تُتبع ذلك بثلاثة نماذج إجرائية، وفي خضم ذلك تتوسل بإجراءات ومصطلحات يزعم صاحب الدراسة أنه أول من ابتكر بعضها.

لقد قادنا تصفح دراسة" يوسف وغليسي" إلى طرح جملة من التساؤلات الملحة التي قد تجيب الدراسة عن بعضها، بينما يضطرنا غياب بعض الأجوبة في الدراسة إلى التنقيب عنها في مظان أخرى وقد اختزلنا تلك الأسئلة في سؤالين جوهرين:

-      ما هو التعريف الدقيق للمنهج الموضوعاتي، في خضم تعدد المدارس والمنطلقات؟

-      هل حققت دراسة "يوسف وغليسي" رهانها على تكريس المنهج الموضوعاتي في ساحة النقد العربي تنظيرا وإجراءً؟

هذا ما نسعى للإجابة عنه في الصفحات القادمة.

 

المنهج الموضوعاتي، المفاهيم الأساسية:

المنهج الموضوعاتي كما يقول بيار نْدا Pierre N’da "يلتفت، بصفة خاصة، إلى كل ما ينبع، داخل العمل من آلية الكتابة وأثر المعنى. إنه يبحث، داخل العمل أو النص المعني في كليته، عن إظهار الترابط الكامن، عن كشف القرابات السرية بين العناصر المشتتة.

......إنه تحليل للمحتوى، مبني على الملاءمة بين الموضوعات المتواترة. إنه يسمح ، عبر قراءة منتبهة للتبئير الموضوعاتي، في الأعمال المدروسة، ليس فقط بتحديد، مَن أو ما لأجله كُتبت هذه النصوص، ولكن أيضا بإبراز الموضوعات الهَوَسية".[3]

إن غاية المنهج الموضوعاتي حسب هذا التعريف هي لملمة العناصر المشتتة داخل النص في صعيد دلالي جامع، للكشف عن القرابة الكامنة بينها، وهذه العناصر هي ما اصطلح عليها بالتيمات أو الموضوعات. فما هي الموضوعة "التيمة"؟

إن كلمة موضوعة (تيمة) thème وعكسها خبرRhème ذات منشأ لساني و تعني عند علماء اللغة: الشيء أو الكائن الذي نتحدث عنه أو الذي تم التلفظ بالجملة أو الخطاب عنه. فإذا قلت: (الكلب جرى نحو سيده) فالكلب هو الموضوعة و(جرى نحو سيده) هو الخبر.[4]

أما في الدرس الأدبي النقدي فالموضوعة أكثر من مجرد ملفوظ، إنها كما تعرفها شلوميت ريمون كنعان  :" Shlomith Rimmon-Kenan بناء يتم تجميعه انطلاقا من عناصر منفصلة في النص. باختصار الوحدة الكبرى التي ترجع إليها الموضوعة في الأدب ليست من نمط الجملة ولكنها من نمط النص باعتباره كلًّا."[5]

أما جون بيار ريشار Jean-Pierre Richard فيعرف الموضوعة بأنها:" مبدأ تنظيمي محسوس، ترسيمة أو موضوع ثابت، يميل إلى التكون والانتشار حوله عالمٌ... الموضوعة تبدو لنا حينها بوصفها العنصر الناقل الذي يتيح لنا تصفح كل المدى الداخلي للعمل بمعانيه المتعددة. أو على الأصح بوصفها العنصر المفصلي الذي تنتظم بفضله في مؤلف دال"    .[6]

قد تبدو هذه التعريفات مجردة، تجعل من القبض على مفهوم "الموضوعة" كالقبض على الماء، لعدم وضوح حدودها. فهل الموضوعة هي الكلمة الأكثر تكرارا في النص، أم هي الدلالة المحورية لعمل أدبي ما بعيدا عن تواتر لفظة معجمية معينة؟

إن الوحدة الكبرى التي يتم تجميعها في النص من عناصر منفصلة- حسب ما تشير إليه شلوميت ريمون كنعان- والمبدأ التنظيمي المحسوس الذي ينبني عليه عالم النص الداخلي حسب ريشار، يحيلان إلى ما هو أكثر من مجرد تواتر لكلمة معينة، فهما يحيلان إلى مفهوم. فالموضوعة وفقا لهذا التحديد هي مفهوم يتأسس على شبكة من العلاقات الخفية بين عناصر النص المتواترة، ومهمة الناقد الموضوعاتي هي القبض على تلك العناصر وتجميعها لاكتشاف عالمه الخاص.

وربما كان تعريف ميشال كولو Michel Collot للموضوعة أكثر تفصيلا، وأشد قربا من هذه الدلالة المفهومية للموضوعة فهي حسبه: :"مدلول فردي خفي ومادي، ويعبر عن العلاقة الانفعالية لكائن مع العالم الحساس، يظهر ضمن النصوص من خلال تكرار متجانس للتبدلات، ويشترك مع موضوعات (أي تيمات) أخرى من أجل بناء الاقتصاد الدلالي والشكلي لعمل ما".[7]

إن الموضوعة تعبر بحسب الموضوعاتية " عن العلاقة الانفعالية للفرد بالعالم الحساس".[8]

إن الموضوعة حسب هذا التعريف هي ما يكشف عن علاقة الفرد/ الكاتب بالعالم، ومتخيله الشخصي عن هذا العالم، فعبر رؤيته الفردية، وانفعالاته الشخصية ينسج الكاتب صورته عن العالم عبر تكرار متجانس لعناصر - متبدلة ظاهريا- ولكنها تتجانس في دلالتها على الوحدة العميقة للعمل من حيث أنه رؤية تخييلية للعالم تستمد لبناتها من تجربة الكاتب الشخصية.

لكن ميشال كولو يحرص على أن يُظهر" أن الموضوعاتية لا تتضمن الواقعية الساذجة أو الذاتية المثالية، أو الانطباعية الانتقادية التي نُتْبعها بها غالبا".[9]

وفي سبيل تحرير الموضوعاتية من تهم الانطباعية والواقعية والمثالية الساذجة، يبحث لها عن أسس في الفرضيات المستوحاة من المنهج الظاهراتي وأول هذه الفرضيات أن للأحاسيس معنى بحسب ما يقوله إيمانويل ليفيناس، فالعالم لا يقدم نفسه أبدا كحقيقة أولية ولكن كحامل لقدرات حساسة تحمل دائما دلالات معينة. وثاني تلك الفرضيات أن الكائن ليس جوهرا مستقلا، ولكنه علاقة تتحدد بطريقة ما بوجودها في العالم، ولا يستطيع أن يكشف عن نفسه إلا عبر موضوعاته. فصورة العالم الحساس التي يكتشفها النقد الموضوعاتي في عمل ما تعكس منظرا داخليا، فالشيء، حسب ريشار، يصف الروح التي تمتلكه، وهنا يلتقي الخارج بالداخل.

كما تشكل الصورة "العالم الخيالي" لكاتب ما، هذا العالم المشكل من كل ما يتبناه الكاتب في العالم أو يرفضه، لأنه يتعرف على نفسه من خلال ذلك.[10]

إن ميشيل كولو يدرك خطر التباس المنهج الموضوعاتي بالمنهجين الواقعي والانطباعي لذلك يؤكد على أن المنهج الموضوعاتي مدين للظاهراتية بتصورها الخاص لرؤية العالم، ومعرفته، فالناقد الموضوعاتي لا يغامر بقراءة العمل من فراغ منتظرا أن يوحي له بما يدخره من معانٍ، بل هو مسلح بوعي ظاهراتي يتجاوز سطح العمل الأدبي إلى الروح التي نبع منها.

وفي هذا السياق لا بد أن نتذكر مساهمة "غاستون باشلار" الذي يعد رائد النقد الظاهراتي عند الكثير من الدارسين وقد يُذكر معه مارسيل بروست Marcel Proust الروائي الشهير.[11] 

لقد نحت باشلار من خلال تأملاته الشاعرية مفهوم الصورة المركزية L’image Centrale " حيث أن هذه الصورة هي التي توجه النسيج السردي لنص ما فهذه الصورة المركزية تمثل عالما متخيلا يتمظهر عبر صور جزئية معينة، والهدف عند باشلار هو أن يكتشف قوانين انتظام هذه الصور في لا وعي الكاتب لفهم قدرته الإبداعية ".[12]

ولكن منهج باشلار كما لاحظ ذلك جان روسي Jean Rousset انصب على الخيال الكلي أو العالمي l’imagination universelle لا على العالم الخيالي الخاص بكل شاعر على حدة.

ولهذا سعى روسي ومعه مارسيل ريمون Marcel Raymond وألبير بيغان Albert Béguin وجان ستاروبنسكي Jean Starobinski  وجان بيار ريشار وجورج بولي Georges Poulet إلى استكمال مشروع باشلار، ومَحْضه للنصوص الأدبية المفردة، بوصفهم المستأنفين Les Continuateurs لمنهج باشلار كما يصفهم أحد الباحثين.[13] 

لقد انخرط هؤلاء " في المنطق الدراسي نفسه للنص بوصفه كلًّا، وفي النقد المتعاطف".[14] وقد كان نمط مقاربة النص بينهم مشتركا، لأنه كان يقوم على" تحديد الشبكات الموضوعاتية بفضل تنسيق الأفكار، والخيال الحساس، وحلم اليقظة. لقد كانت طريقتهم تقوم على عملية ثلاثية قوامها التجميع، والتعميم، والوسم (من الوسم أي العنونة أو التعليم على الشيء)".[15]

    وإلى الرأي نفسه يذهب كروسمان ويمرز إنج Crosman Wimmers Inge حيث إن الموضوعة كما 

   يقول: "ليست وحدة مُنحَتْ وجودا موضوعيا في نص معين، لأن موضعة نص thématiser un texte   

   تتعلق، كما بين ذلك جيرالد برنس Gerald Prince، لا بالنص نفسه فحسب، بل بمُمَوْضع النص

  thématiseur ، والإطار المتبنى، والوحدات المختارة، والعمليات المنجزة للمواءمة بينها، والملخصات  

   والشروح المحققة.

     حين يتم النظر إليها هكذا، فإن الموضوعة تكون عبارة عن "بناء مفهومي" يتطلب من القارئ عملا  

    "تجميعيا" و"تعميميا" و"وسميا". إن تحديد أو اختيار موضوعة يسمح لنا بضم مجموعة من عناصر النص

    داخل إطار موضوعاتي".[16]

هكذا يغدو الخيط الجامع بين مختلف رواد المنهج الموضوعاتي واضحا تختزله عبارة واحدة قد تتعدد صيغها: رؤية العالم، أو العالم المتخيل، أو الوعي بالعالم، وهذا العالم يشمل الآخر والأنا في الوقت نفسه، لكن لكل كاتب عالمه الخاص وهذا ما أضافه تلامذة باشلار إلى جهود أستاذهم.

    لكن الموضوعة، رغم جهود السابقين في رسم تخومها، ظلت بتجريديتها مثار إشكال نظري ومنهجي،

   ولذا حاول بعض النقاد قَنْص أهم خصائصها التي من شأنها حسم دلالتها، ومن هؤلاء عبد الكريم حسن

   الذي لاحظ أن الموضوعة تتميز بأمرين:

-      ..أن بعضها يعاود نفسه في العمل الإبداعي، وهذا ما يقودنا إلى التأمل في مفهوم الاطرادية.

-      وهذه الموضوعات نفسها تقوم بمهمة تنسيق الحياة الخفية في العمل الإبداعي. وهذا ما يقودنا إلى التأمل في الوظيفة النوعية التي يشغلها الموضوع (أي الموضوعة).[17]

   وقد قرر ريشار عن الاطرادية أنها:" هي المقياس Le critère في تحديد الموضوعات. فالموضوعات

   الكبرى في عمل أدبي ما، هي الموضوعات التي تشكل المعمارية غير المرئية L’invisible architecture  لهذا العمل. وبهذا فهي تزودنا بمفتاح تنظيمه. وهذه الموضوعات هي التي تتطور على امتداد العمل الأدبي،  وهي التي نقع عليها عيانا بغزارة استثنائية. فالتكرار أينما كان دليل على الهوس".[18]

 وقد خلص ريشار إلى النتيجة الآتية من تحليله "للموضوعة" :

"إن قيمة أي موضوع إذا، تتحدد من خلال إلحاحيته، وقدرته على التمفصل. ولا تأخذ الموضوعات معنى إلا من خلال علاقة الواحدة منها بالآخر في هذا الفضاء العالمي والحميمي في نفس الوقت. هذا الفضاء الذي يسميه "جورج بوليه" ب(المسافة الداخلية)، و"جان ستاروبنسكي ب(العين الحية) وأسميه ب(الكون التخييلي)".[19]

لكن رصد هذا العالم التخييلي، لا يتم عبر عملية إحصائية فجة لموضوعات النص الأدبي المدروس، بل يتم عبر قراءة صبورة، واعية، حدْسية ومتعاطفة. :" فلا الدراسة الرياضية، ولا الجرد الشامل سعيًا وراء حصر الموضوعات، يمكن أن يبلغ غاية الموضوعات وثراءها. ولا يبقى في النهاية إلا الدقة والصبر في قراءة النص. فالدقة والصبر هما اللذان يقودان إلى القوانين الداخلية للرؤيا والخيال".[20]

 

دراسة يوسف وغليسي، تنظيرًا وإجراءً:

أ‌-    التنظير:

   تنفصل دراسة يوسف وغليسي الموسومة ب"التحليل الموضوعاتي للخطاب الشعري" إلى ثلاثة أقسام، خُصص الأول منها لرصد مفاهيم النقد الموضوعاتي، وروافده، وأعلامه الغربيين، وخُصص قسمها الثاني لتتبع تجليات المنهج في الحقل النقدي العربي من خلال استقصاء واسع لأغلب ما ألف فيه من طرف النقاد العرب، أما القسم الثالث من الكتاب فتضمن ثلاث محاولات تطبيقية على ثلاثة شعراء عرب.

 

  في مقدمة الكتاب نُجابه بدعوى المؤلف أنه سعى "إلى إثراء المنهج ذاته ببعض المفاهيم الجديدة".[21] وتلك المفاهيم "المبتكرة" هي على التوالي: المعادلة الموضوعاتية - الجملة الموضوعاتية التي جعلها المؤلف كما يقول "بديلا لمفهوم النص الكاشف Texte révélateur" - عقدة جلجامش - التيميم Thémème.[22]

لكننا لا نُقر للمؤلف من تلك المصطلحات المخترعة إلا بأولاها أي المعادلة الموضوعاتية، أما بقية المصطلحات فاستُعملت قبل صدور كتابه بزمن!

فمصطلح "الجملة الموضوعاتية" استخدمه، مثلا، الباحث الجزائري "محمد بلوحي" في مقال نُشر سنة 2004 بالصيغة الآتية "الجملة الموضوعية" ترجمة للصيغة الفرنسية "Phrase thématique".[23]  وقد اختار الموضوعية بديلا عن الموضوعاتية وهو استعمال شائع.

  أما مصطلح "عقدة جلجامش" فسبقت إليه "خالدة سعيد" في مقال لها منشور سنة 1984 بعنوان: "الحداثة وعقدة جلجامش"، وقد درست فيه طائفة من النماذج الشعرية لشعراء الحداثة، منهم السياب وأدونيس ومحمود درويش وبلند الحيدري- وخلصت من بحثها إلى أن أسطورة جلجامش تقدم "الرمز الأغنى والأقدر على إضاءة الوضعية الإشكالية للحداثة. حتى ليمكننا أن نسمي وضعية الأنا الحداثية العربية أو مأزق التصدع بعقدة جلجامش".  فعقدة جلجامش "التي تتضح في سياق الملحمة تتمثل في ذات مزدوجة:

شطر إلهي طاغ (ثلثان)، على غلبته لا يستطيع أن ينجو من الزمن والفساد أو الموت...وشطر بشري (الثلث) لا يستطيع العلو على الزمن والشروط البشرية والالتحاق بالشطر الإلهي".[24] 

أما مصطلح التيميم Thémème الذي يقول المؤلف أنه تجرأ على لغة الآخر به، وأنه اشتقه من thème...[25] فهو مستعمل منذ عقود!

ففي مؤلفها "المشهد والصورة- نظام المجاز في حذاء الساتان" الصادر سنة 1985، وفي سياق حديثها عن التباين بين مسار التطور بين الموتيفات أو الحوافز والتيمات أو الموضوعات (جمع موضوعة) رغم أن الأولى مدينة بوجودها للثانية، تقول أنطوانيت فيبر كافليش Antoinette Weber-Caflisch :" إن هذه التبعية (أي تبعية الموضوعات للحوافز) ، دون ريب، هي التي جعلت البعض يعتقد أن الموتيف (الحافز) هو أصغر وحدة تيمية (موضوعاتية)، أي "تيميم" "Un Thémème" نوعا ما، فجاءت كلمة "موتيف" لتحل محل كلمة مستقبحة جدا، في الفرنسية على الأقل".[26]

إن ما تقوله الكاتبة هنا يشرح غياب كلمة Thémème في الكتابات الفرنسية، فهي مستقبحة جدا، ولهذا تم تداولها في نطاق ضيق.

أما أول من استعمل مصطلح "تيميم Thémème" في اللغات الأوروبية فهو العالم اللساني السوفييتي غريغور سينسيلاي Grigore Cincilei في كتاب له صدر سنة 1975 بالروسية. حيث استعاض به عن مصطلح "المونيم المتصل monème conjoint " لأندريه مارتينيه A.Martinet.[27]

 

  أما فاتحة القسم الأول من الدراسة، فتفاجئنا أول صفحة منها إذ تتحدث عن "الموضوعاتية، المفهوم والتاريخ"، بتجاهل حياة المؤسس الأول باشلار، رغم أن أغلب المراجع تتحدث عنه بوصفه الرائد الفعلي للنقد الموضوعاتي بصرف النظر عن تحولات المنهج وتفرعاته، وحضور باشلار كامن في البعد الظاهراتي اللصيق بأعمال أغلب الرواد، بل بتعريف المنهج نفسه، فوغليسي نفسه يعرفه -ناقلا عن كتاب بول أرون- بكونه يقوم على "تخصيص لمفهوم الموضوع بالذات، وبحسب الفكرة التي يقيم فيها الوعي علاقة بين الموضوع والعالم الذي يندرج فيه....الخ".[28] وهذا تعريف ظاهراتي، ينحو منحاه قول المؤلف في الصفحة التالية:" إن المنهج الموضوعاتي، عموما، منهج يلاحق موضوعات الأثر الأدبي وتفرعاتها الموضوعاتية، بطرائق إجرائية مختلفة من ناقد إلى آخر، لإدراك العالم التخيلي للأديب في اتصاله بوعيه الذاتي".[29]

وربما كان مبرر المؤلف في تجاهل باشلار، أو تقزيم حضوره، هو ما عده في صفحة لاحقة من كتابه من المفارقات الطريفة أن يكون باشلار رائدا لمنهج نقدي هو المنهج الموضوعاتي وألا يكون مع ذلك ناقدا أدبيا.[30]

لكن باشلار، وإن لم يعلن نفسه ناقدا أدبيا، فإن أعماله عُدَّتْ إسهاما فعالا في النقد الأدبي، وهذا ما أثبتته دراسة "فانسون تيريان VINCENT THERRIEN "ثورة باشلار في النقد الأدبي" التي كتب مقدمتها جورج بولي، ومما جاء فيها قوله: "إن الروح الباشلارية لا تختلف إلا قليلا .......عن روح الفهم الحدْسي التي يتميز بها جزء كبير من النقد الجديد".[31]

  وفي سياق حديث "يوسف وغليسي" عن الموضوع وتعدد المفاهيم، لاحظنا لديه تداخلا بين مصطلحين يدلان عنده على المعنى نفسه هما الموضوع والتيمة، وربما بينت الفقرات المقتبسة الآتية التداخل المذكور بشكل جلي:

"... على أن الموضوع /Thème في مصطلحات تحليل الخطاب لدى دومينيك منغينو.........وفي هذا السياق يقدم فرانسوا راستيي تعريفات مختلفة للموضوع، في سياقات منهجية ومعرفية شتى منها تعريف دلالي يتصور التيمة بأنها.......كما يعرف التيمة بالطريقة القاموسية......من هذا المنطلق يقترح ريشار تعريف الموضوع ....ويلاحظ كولو أن ما يلفت نظر الناقد إلى موضوع ....الخ".[32]

ثمة إذن تداخل وتردد عند "يوسف وغليسي" بين مصطلحي الموضوع والتيمة، وهذا التداخل من شأنه أن يدخل القارئ في التباس شديد، وكنا نفضل لو استخدم مصطلح "الموضوعة" تجنبا للالتباس بين الموضوع بمعنى Thème والموضوع بمعنى Objet وقد استخدم هو الكلمة بهذا المعنى الأخير في الصفحة 109 من كتابه. نقول هذا ونحن نعلم أنه لا يأنف من تعريب الكلمات أو تحويرها حتى ولو خالفت العربية مثلما فعل مع كلمة "موتيف" مرارا كما في الصفحة 68 مثلا، بل وجدناه لا يأنف أحيانا من استخدام صيغ منحوتة لا تتفق مع اللغة العربية ولا مع الذائقة العربية كاستخدامه عبارة "الإغريقورومانية" (الصفحة56) وقد كان بإمكانه أن يستخدم الصيغة الأصح وهي: الإغريقية- الرومانية.

 

   يقدم الكاتب عبر مبحث "سلطة الذات في الفكر الموضوعاتي، وتعدد الروافد والمرجعيات" لوحة معرفية شديدة السخاء والثراء، تستقصي روافد المنهج، وأعلامه بتقص صبور، مثير للإعجاب، لكن ما استوقفنا هو حديثه عن "الرافد الرومنسي" مقتفيا خطى دانيال برجز وج. جنجمير،[33]  فما أراه هو أن الرومنسية مدرسة أدبية كالكلاسيكية والرومنسية، ولم أجد في أغلب المراجع إشارة إليها بوصفها رافدا أو إرهاصا للمنهج الموضوعاتي، فهي ليست منهجا نقديا يمتلك ممهداته النظرية وأدواته الإجرائية بقدر ما هي موضوع أثير للدراسة عند رواد المنهج الموضوعاتي، وهذا ما تثبته العناوين التي أوردها المؤلف شواهد على تأثير الرومنسية في كبار النقاد الموضوعاتيين ك" الروح الرومنسية والحلم" لألبير بيغن، و"الرومنسية وحلم اليقظة" لمارسيل ريمون، و"دراسات في الرومنسية" لجون بيار ريشار.[34]

  وفي حديثه عن أعلام المنهج يخصص سطورا قليلة لباشلار لا تستوعب في رأيي مساهمته الفعلية في تقدم الدراسات الموضوعاتية للأدب، حيث يكتفي بالإشارة إلى شهادات محدودة لا تبرز سبْقه وريادته لمباحث الدراسة الظاهراتية التي تناولت الصورة الشعرية والمتخيل وهي الدراسات التي أثرت تأثيرا هائلا في رواد المنهج الذين تظهر آثار باشلار جلية فيما أنتجوه، وتُطرِّز مفردتا الحلم والفضاء الباشلارية كثيرا من عناوينهم التي أوردها المؤلف في سرده لمؤلفاتهم ك "الرومنسية وحلم اليقظة" لمارسيل ريمون، و"الروح الرومنتيكية والحلم" لألبير بيغن، و"الفضاء البروستي" لجورج بولي.[35]

  ومقابل تقزيم دور باشلار، يتحدث المؤلف عن جون بول فيبر Jean-Paul Weber بوصفه صاحب تأثير كبير في المسار الموضوعاتي للنقد العالمي،[36] وهي مصادرة لم يقم المؤلف عليها دليلا واحدا يرفعها لمرتبة الدعوى، فأغلب المراجع التي عدنا إليها إما تتجاهله وإما تضعه في مرتبة الأتباع.[37] وهذا التجاهل يدل على أن تأثيره في المسار الموضوعاتي للنقد العالمي محدود.

 

    أما القسم الثاني من الدراسة فيقدم فيه المؤلف جرْدًا استقصائيا للجهود العربية في ميدان النقد الموضوعاتي، ولعل هذا القسم من أثمن ما في دراسة الأستاذ "يوسف وغليسي" فلا أعتقد أن هناك من سبقه إلى مثل هذا الاستقصاء الدقيق، وهو استقصاء لم يكتف فيه الناقد باستعراض متسلسل للكتابات النقدية العربية بل استعرضها من منظور نقدي أو على الأصح من منظور "ميتا-نقدي" مبرزا ثغراتها المنهجية التي تراوحت بين "تعدد الحدود الاصطلاحية"، و"ضبابية المرجعية الموضوعية وغياب الترجمة"، وقد عرج المؤلف على المحاولات الأولى التي سماها "موضوعاتيات" ما قبل التاريخ الموضوعاتي، معقبا على من نسب بعض الدراسات المبكرة إلى المنهج الموضوعاتي رغم بعدها عنه، كما فعل حميد لحمداني في كتابه "سحر الموضوع" حين اعتبر كتاب "الروائيون الثلاثة" ليوسف الشاروني "مثالا نموذجيا للنقد الموضوعاتي المتماسك".... وكما فعل "خلدون الشمعة" في كتاب "النقد والحرية" حين أقر بأنه قد سيطر منذ بداية القرن الاتجاه التيمي Thematic  على النقد العربي الحديث"  وقد أبرز "يوسف وغليسي" في هذا السياق مبدأ جوهريا لا نملك إلا أن نثمنه وهو أن "الوعي بالمنهج...شرط من شروط تحديد موقع التجربة النقدية في انتمائها إلى هذا المنهج أو مروقها عنه".[38]

  وتحت عنوان مثير "موضوعاتية زائفة" يرصد بعض الكتابات النقدية التي توهم عناوينها بانتمائها إلى حقل النقد الموضوعاتي، وحصرها الباحث في دراستين: "عوالم تخييلية- قراءات موضوعاتية في السرد" لقاسم المقداد، و"الشعر الشعبي في منطقة بوسعادة- دراسة موضوعاتية فنية" لعلي بولنوار[39]، ثم يتناول - تحت عنوان "أِشكال موضوعاتية موازية" المؤلفات التي تتقاطع مع بعض مبادئ المنهج الموضوعاتي تقاطعا عفويا، وهي: "الشعر والمال" لمبروك المناعي، و"مرجعية القصيدة العربية المعاصرة في المشرق العربي" لفايز الداية، و" مقاربة النص الشعري بالمنهج المقولاتي" لمحمد السرغيني،[40] وأخيرا يتناول المؤلفات الموضوعاتية "الواعية بمنهجها" وهي :"الموضوعية البنيوية- دراسة في شعر السياب" لعبد الكريم حسن، والمؤلفات التي سار أصحابها في ركاب عبد الكريم حسن ، كسعيد علوش في الفصل الموسوم "النقد الموضوعاتي والقصيدة الحديثة- الصوت والعين والوجه" من كتابه "النقد الموضوعاتي"، و مسعودة لعريط في دراستها "قصص الأطفال في الجزائر".[41]

    بعد هذا الرصد العميق والثري، ينتقل "يوسف وغليسي" إلى إحصاء الدراسات العربية التي تأثرت بمنهج ج.ب.فيبر تحديدا وهي في المحصلة بحثان جامعيان لا يعكسان تأثيرا حقيقيا لفيبر في الدرس النقدي العربي، والبحثان هما : البحث الأكاديمي لمحمد السعيد عبدلي الموسوم ب"البنية الموضوعاتية في عوالم نجمة لكاتب ياسين"، وبحث الطالبة حفصة بوطالبي الموسوم ب"عالم أبو العيد دودو القصصي - دراسة موضوعاتية".[42]

وتحت عنوان "موضوعاتية ظاهراتية تقارب المتخيل الجمالي بتوجهات باشلارية" يتناول المؤلف الدراسات التي يتنازعها الطابعان النقدي والفلسفي، مثل دراسة جودي محمد "قصص غي دي موباسان- دراسة موضوعاتية"، ودراسة العربي الذهبي المعنونة ب" شعريات المتخيل- اقتراب ظاهراتي".[43]

بعدها يتناول الناقد تحت عنوان " موضوعيات مقارنة- تيماتولوجية الأخضر بن عبد الله أنموذجا" أطروحة هذا الأخير المعنونة ب "موضوعة جان دارك في الأدب العالمي" باعتبارها بحثا رائدا ومتميزا إلى حد بعيد يستمد ريادته من ندرة ما يشاكله من البحوث في حقله.[44]

  وأخيرا يتناول الباحث تحت عنوان "بدعة الموضوعاتية الجمالية أو خيبة البنية الموضوعاتية وشلل المنهج النصفي" بعض الممارسات الموضوعاتية التي تدرس الموضوع الأدبي مجردا عن أدبيته، أو تفصل داخل النص الواحد بين مضمون موضوعاتي وشكل جمالي وهذا ما فعله محمد مرتاض في كتابه "الموضوعاتية في شعر الطفولة الجزائري"، وما فعله كل من شريبط أحمد في كتابه "شعرية الطفولة في الشعر الجزائري المعاصر"، ومحمد عزام في كتابه "وجوه الماس- البنيات الجذرية في أدب علي عقلة عرسان"، وعبد الله المدغري العلوي في كتابه "التفكير في الرواية- مقاربة تاريخية، موضوعاتية، جمالية"، وحبيب مونسي في كتابه "فلسفة المكان في الشعر العربي"، وصالح لمباركية في كتابه "المسرح في الجزائر- دراسة موضوعاتية وفنية"، ومختار حبار في كتابه "شعر أبي مدين التلمساني- الرؤيا والتشكيل".[45]

لم يكن لنا أن نبحث في هذا القسم السخي بأبعاده المعرفية عن "عورة" نقدية ما، بل كان لا بد أن نقف منه موقف المتلقي، المتتبع لاستقصائه الصبور للتجارب العربية في النقد الموضوعاتي بإعجاب وتقدير، وهو استقصاء ذو قيمة مزدوجة:

-      فهو من جهة تأصيل للمنهج الموضوعاتي في الحقل النقدي العربي، يعرض لتجاربه البارزة ويقْنص تجاربه القصية المتوارية، بتدقيق واستقصاء لا نحسب أحدا قد سبقهما إليه، وهو من خلال هذا الرصد الاستقصائي يلفت الانتباه إلى وضع النقد الموضوعاتي الماضي والراهن في النقد العربي، ويؤصل مقولاته ومناهجه مصوِّبا ما يراه خللا في فهمه عند الآخرين، فدراسة الناقد تأصيلية بامتياز.

-      كما أنه من جهة أخرى مقاربة ابستيمولوجية للنقد الموضوعاتي عامة، والنقد الموضوعاتي العربي خاصة، لأنه لم يكتف بعرض ملامح المنهج وتجلياته عند مختلف النقاد، بل ساءل أسسه وجدواه النظرية وفاعليته الإجرائية، ولا سيما خلال تناوله للتجارب العربية، حيث كان دقيقا، مستقصيا، سبَر أغلب الدراسات التي تناولها من حيث التزامها بقواعد المنهج العامة، منوها ببعضها، وناقدا قصور بعضها الآخر أو زيفها.

      ومع إعجابنا، بل افتتاننا بمباحث الكتاب الطازجة، فقد عنَّت لنا ملاحظات عنه، هنا وهناك:

-      مما قد يُؤاخذ به الكاتب، وهو لا شك أشد مني تمرسا باللغة الفرنسية لأنه ضليع في قضايا المصطلح النقدي الغربي وأزمة تلقيه ترجمة وتعريبا، عدم دقة بعض الترجمات التي يقترحها، ومن ذلك مثلا ترجمته لعبارة "de plus fuyant et de plus vague" -في سياق نقله عن ريشار- ب:"أكثر انفلاتا والتباسا"[46] فكلمة vague تقابلها كلمة "غامض" وهي أدق دلالة في هذا السياق. ومن ذلك ترجمته لعبارة فيبر "Attention au thème" ب" احذروا الموضوع"[47] وربما قصد فيبر هنا "انتبهوا للموضوع (أي الموضوعة)". فالحذر يكون من مخوفٍ لكن اقتناص الموضوعة مطلوب بشدة، ولذا على الناقد أن يتسلح بانتباه الصياد!.. ومن ذلك إصراره على استعمال كلمة الموتيف في أصلها الفرنسي Motif [48]رغم وجود مرادف شائع لها في العربية هو الحافز. ومما يدخل في هذا الباب نقله الخاطئ لاسم الشاعر الفرنسي -اللبناني  جورج شحادة  Georges Schéhadé إلى جورج شهادي،[49] وهو(أي شحادة!) أشهر من نار على علم.

-      ومما قدْ يؤاخذ به الكاتب غموض بعض عباراته، كما في حديثه عن الموضوع (أي الموضوعة) بوصفها بنية تعبيرية دالة، حيث يتحدث عن تفصيل يلمسليف Hjemslev لمحوري التعبير والمحتوى/ المضمون إلى: شكل التعبير، ومادة التعبير أو جوهره، وشكل المحتوى، ومادة المحتوى. فالكاتب يتردد بين مصطلحات عديدة تدل على الأمر نفسه: مثل جوهر المحتوى، مادة المضمون، وموضوع المضمون وجوهر الموضوع من جهة، وشكل المحتوى وجوهر المضمون وشكل المضمون منجهة أخرى، وهذا التداخل المصطلحي الشديد يقف عقبة كؤودا أما تلقي القارئ لخطاب الناقد.   

-      وطالما نحن في سياق الحديث عن أهم مباحث الكتاب فلا بأس أن ننوه بإضافته القيمة لما تقدم به عبد الكريم حسن، حين حدد مفهوم "العائلة اللغوية" بالاستناد إلى ثلاثة مبادئ هي: الاشتقاق، والترادف، والقرابة المعنوية، فأضاف ناقدنا يوسف وغليسي مبدأً مهما جدا وهو الضمير، مستشهدًا لأهميته بقصيدة Paul éluard حرية Liberté التي لا ترد فيها الكلمة- الموضوعة أي الحرية إلا في العنوان أما في بقية النص فتتم الإحالة عليها عبر الضمير.[50]                                                                       

 

ب‌- القسم التطبيقي من الدراسة:

   يتناول الناقد في القسم التطبيقي من دراسته ثلاثة شعراء عرب، هم الأخضر السائحي، ومحمد الفيتوري، ومحمود درويش.

  في تناوله للسائحي، اختار قصيدة الأطفال عنده نموذجا للتطبيق النقدي الموضوعاتي، وقد لاحظ أن "الموضوع المهيمن" على مجموعة (أناشيد النصر) الشعرية للسائحي هو "الوطن"، ثم شرع في عملية إحصائية لمفردات الموضوع الرئيسي(كذا والصواب الرئيس) أي الوطن، والموضوعات الفرعية.[51]

ولا يتسع المجال لرصد كل حيثيات الدراسة لكن ما نلاحظه عليها هو غلبة الجانب الإحصائي وهيمنته، فالشاعر يسلخ ما يقرب من 13 صفحة من دراسته في إحصائي حقلي، معجمي، ثم نراه ينهزم أمام شغفه العروضي فيأبى إلا أن يستقصي البحور ومراتبها في مختلف دواوينه، وقد كان يستطيع أن يختزل بحثه العروضي اختزالا في تقديرنا فلا يشير إلا إلى أنماط البحور الغالبة على شعر الأطفال وتعليل ذلك كما فعل في صفحتي البحث (177-178).[52]

  والجدير بالذكر أن عمدته في النقد الموضوعاتي، أي جون بول فيبر، كان حريصا على الإحصاء المعجمي أو الحقلي، ولكنه لم يتعرض لعروض الشعر، كما في دراسته لموضوعة الساعة عند ألفريد دوفينيي، حيث يسلخ الصفحات من 34- إلى 42 في إحصاء لموضوعات الساعة (الأصلية والفرعية). ومن الصفحة 43 حتى 49 يتتبع معطيات السيرة الذاتية للشاعر، وفي الصفحات اللاحقة يستأنف العمل الإحصائي في عدة نصوص أخرى لفينيي دون أن يتعرض للإيقاع بأي حديث.[53]

ومحصلة هذا أن يوسف وغليسي الذي يتخذ من فيبر عمدته قد انفرد بإحصائه العروضي الذي لا يخدم الإجراء الموضوعاتي بأي حال!

  والواقع أن ناقدنا لم يُمْحض للإجراء الموضوعاتي نفسه، إلا أقل من 5 صفحات هي أجمل ما في مبحثه عن السائحي، فقد كُتبتْ بلغة نقدية آسرة، تمنينا لو هيمنت على بقية أجزاء الدراسة، حيث ارتحل بنا الناقد إلى طفولة الشاعر، بل شبابه، كاشفا بمهارة سر عودة موضوعة الوطن إلى شعره في كهولته، مما لا يتسع المجال لبسطه هنا.[54]

  أما في دراسته عن الفيتوري فيتناول ما سماه الهاجس الإفريقي، والموضوع الإفريقي في ثلاثية الفيتوري (أغاني إفريقيا، أذكريني يا إفريقيا، عاشق من إفريقيا)، وهي دراسة يهيمن عليها الإحصاء بمناحيه التي عرفناها عند الناقد، فهو أولا يحصي الكلمة- الموضوعة وهي إفريقيا التي يسميها الجذع الموضوعاتي للشجرة الشعرية، وكذلك الأغصان والفروع أي "الموضوعات الفرعية" وأبرزها موضوع (موضوعة) الصراع بين (الأنا الإفريقي والآخر)، وأبرز تجلياتها الصراع بين الأبيض والأسود. وقد استغرق العمل الإحصائي من الباحث ما يقرب من تسع صفحات.[55]

ثم ينهزم الباحث مرة أخرى أمام هوسه العروضي فيسلخ سبع صفحات كاملة في إحصاء الأبحر ومراتبها عند الفيتوري،  ليلاحظ هيمنة الرجز على ثلاثيته الإفريقية ويصل من ذلك إلى استنتاج لا يمكن أن نقره عليه، مفاده أن "الموضوع الإفريقي موضوع شعري مستحدث ...لذلك فهو يقتضي إيقاعا جديدا غير مألوف فكان هذا الوزن المهجور الحقير خير حامل لقضية الإنسان الزنجي المحقور"[56](!!)

  ولو سايرنا الأستاذ يوسف فيما يستنتجه هنا لقلنا أن هيمنة الرجز على شعر بعض الرواد، مثل البياتي" خير حامل لقضية الإنسان الزنجي المحقور"!! لأن النتيجة لا بد أن تكون واحدة.

لكن الواقع أن بحر الرجز بسبب سهولته واتساعه لكثير من الزحافات والعلل -أوالانزياحات العروضية إن شئنا - كان من أكثر البحور شيوعا في شعر التفعيلة الذي تهيمن عليه البحور الصافية ومنها الرجز طبعا.

  من أجمل وأقوى ما في الدراسة، ما محَضه الشاعر للإجراء الموضوعاتي، في دراسته الجذرية لنفسية الفيتوري عبر استقصاء نفساني ممتع وشيق لحضور الجذر الإفريقي عنده، وذلك من خلال مباحث فرعية تلقي الضوء على مرض الفيتوري النفسي وآليات التعويض عنده، وعقدة الملامح الزنجية والنقص الفيزيولوجي والدمامة، وكذلك عبر رصد "التمزق الهوياتي" لدى الشاعر أو ما سماه ناقدنا "الشتات العرقي والهوية المفقودة"، واستكمل الناقد تتبع عقد الفيتوري من خلال تناوله لـ"الإخفاق في الحب والحبيبة الضائعة"، وكذلك "الواقع العبودي والحرية المسجونة".

  ومن أجمل مناحي الدراسة ما خصصه الكاتب لآلية الدفاع النفسي عند الفيتوري عبر التشبه بشخصيات زنجية مجيدة في التاريخ (أو تقمصها)، وهي شخصيات عنترة، وأبي زيد الهلالي، والأمريكي الأسود "بول روبسون"، والفتى الوطني المصري "زهران"، وشخصيات أخرى أجمل الناقد ذكرها.[57]

أما دراسته لشعر درويش الموسومة ب: "عقدة جلجامش: رُهاب الموت ورُغاب الحياة في (جدارية) محمود درويش- تحليل موضوعاتي"، فتنأى عن سابقتيها بجرأة الناقد على ابتكار مصطلحاته الخاصة وتخصيب أدواته الإجرائية، وإن كان المصطلح الرئيس الذي ادعى ابتكاره "أي عقدة جلجامش" قد سبقته إليه الناقدة "خالدة سعيد" كما بينا في موضع آخر من بحثنا.[58]

لقد خصص الناقد نموذجه التطبيقي الثالث لرصد موضوعة الموت في شعر درويش، متوسلا بمنهج إجرائي صارم، مهد له بالحديث عن "الموت وجمله الموضوعاتية في عالم محمود درويش الشعري" مخصصا صفحتين كاملتين وبضعة أسطر لإحصاء هذه الجمل.[59] ثم تحدث عما أسماه "المعادلة الموضوعاتية للموت" وهي مجموع الموضوع (الموضوعة)، والجمل الموضوعاتية، والعائلة اللغوية، والتنويعات الموضوعاتية، والكلمات المركزية. ورغم طرافة المفهوم وجدته، إلا أننا لا نجده في حيثيات الدراسة، فبدلا من مصطلح المعادلة الموضوعاتية، التي تبدو في تقديرنا مجرد اصطلاح تزييني، يعود الكاتب في الصفحات اللاحقة إلى المفاهيم الجزئية للتحليل الموضوعاتي وهي الجمل الموضوعاتية، والعائلة اللغوية، والكلمات المركزية، والكلمة المضادة للكلمة الموضوع (كما سماها) والطباق الموضوعاتي الذي اجترحه الناقد مقابلا ل: Le contrepoint thématique عند فيبر، وهو ما نثمنه لأنه فعلا إضافة نوعية استلهمها الناقد من تراثنا البلاغي البديعي.[60]

ويستأنف الناقد رصده الشيق لموضوعة الموت عند الشاعر، عبر الكلمة العنوان "أي الجدارية" التي تجسد ما أسماه من قبل الطباق الموضوعاتي، فهي كلمة تنبض بالحياة، وتحيل على ما عرف في تاريخنا بالمعلقات. ثم يرصد الناقد حضور رموز الموت والانبعاث في جدارية درويش، أوزيريس وعيسى وطرفة بن العبد وامرئ القيس وسليمان، ثم يتناول الناقد التنويعات الموضوعية أو التعديلات - باصطلاح فيبر- على الموضوعة الأم أي الموت، وأبرزها حسب الناقد مشهد الشاعر وقد تقنع بشخصية "جلجامش" حين فُجع بموت صديق عمره "أنكيدو". وقد توسع في تحليل المقطع الشعري الطويل الذي اقتبسه، مستعيدا أسطورة جلجامش بتفاصيلها، ليقْنص تقاطعاتها مع سيرة درويش، وكذلك القضية الفلسطينية، ويخلص في نهاية تحليله إلى أنه من الشتات الموضوعاتي للملحمة كما صاغها درويش، يتشكل لنا موضوع أحادي في جداريته هو الرهبة من الموت والرغبة في الحياة.[61]

وتأكيدا لتقاطع الملحمة -في صيغتها الشعرية- مع سيرة درويش، يتحدث الناقد، تحت عنوان فرعي هو" عقدة جلجامش والدفاع النفسي- درويش جلجامش جديد لغته عشبة خلوده" عن رغبة درويش اللاواعية الدفينة في تقمص رؤية جلجامش لعالم الموت والخلود، انطلاقا من عصابه الرهابي الذي يسميه" عقدة جلجامش" (.......) فجلجامش هو بديل موضوعي لموضوع الرغبة في الحياة والرهبة من الموت الساكن في أعماق الشاعر. وإذا كان جلجامش قد فر إلى عشبة الخلود من موته، فإن عشبة خلود درويش هي لغته الفنية.[62]

 

لكن الناقد لا يلبث أن ينزلق إلى تحليل البنية العروضية للجدارية، ملاحظا تنوعها بين الكامل والمتدارك والمتقارب والخفيف مع هيمنة الكامل، ومن نتائج تحليله التي لا نقره عليها بأية حال زعمه أن الزيادات التي آثرها الشاعر(أي الترفيل والتذييل=متفاعلانْ/ متفاعلاتُنْ) مفضلا لها على علل النقص كانت لأنه (أو كأنه على حد عبارته) يرغب في زيادة عمرها/ عمره، لا نقصانه..[63](!!)

وهو تأويل يبلغ من التكلف أقصى مداه، لأن ظاهرتي الترفيل والتذييل في الكامل شائعتان في شعر التفعيلة ولا يتسع المجال لإيراد شواهدهما، فنكتفي بشاهدين أولهما للبياتي [64]:

الريح والغربان تنقر في عيونك والدماء (تذييل)

صبغت حصى الوادي

 وكفك للسماء..(تذييل)

وثانيهما لأحمد عبد المعطي حجازي[65]:

يأتي المساءُ محمَّلًا بروائح الذكرى ونشوتها القريرَهْ (ترفيل)

بوجوهنا الأولى

ونحنُ نغيبُ في الحلم القديمْ (تذييل)

ونؤكد هنا ما سبق أن أشرنا إليه سابقا من أن إقحام تحليل البنية العروضية في الدرس الموضوعاتي ليست له أية جدوى إجرائية.

 

بعد المغامرة العروضية، ينبش الناقد في الذكرى الموضوعاتية للشاعر، مستندا إلى قصيدته" سنخرج" التي تصور فاجعة عام الرحيل، ولهذا يتخذ الناقد من هذه الفاجعة إطارا تفسيريا ل"عقدة جلجامش" نابشا في طفولة الشاعر عما يسميه فيبر "البصمات Les Empreintes" فتوصل إلى ذكرى مؤلمة تعود إلى عام 1948، عام الرحيل وعام الاحتلال الاسرائيلي، حين كان درويش في السادسة من عمره، واضطر إلى مغادرة قرية البروة مع أهله إلى لبنان، وبعد سنة من اللجوء عاد إلى بلده لكنه لم يجد قريته فوجد نفسه لاجئا في بلده. هكذا كانت رحلته الأولى، ورحلته الثانية تكريسا لوضعه الأبدي كلاجئ، لقد كانت معايشة الطفل درويش لهذا الفقدان، وللحروب وآلام الفراق وسماع حوادث الموت من أسباب إصابته برهاب الموت. ثم جاءت تجربة المرض والعلاج في المستشفى الفرنسي خلال كهولته لتغذي شدة تشبثه بالحياة، وخوفه من الموت، وتولد لديه" عقدة جلجامش" التي كانت سببا لكتابة" الجدارية".[66]

 

خلاصة ونتائج:

لقد توصلنا في الشق النظري المعرفي لبحثنا إلى جملة من النتائج يمكن تلخيصها فيما يأتي:

-      يقوم الخطاب النقدي على نزعة نرجسية متعالية، ولذلك فإن مهمة نقد النقد هي تفكيك هذا الخطاب وتجريده من نرجسيته، في مسعى إبستيمولوجي إلى كشف مواطن خلله وقصوره.

-      تتحدد طبيعة المنهج الموضوعاتي بوصفه بحثا عن الموضوعة التي تجمع شتات النص، وبوصفها مبدأ تنظيميا محسوسا يقودنا إلى العالم الداخلي للنص، أو العالم المتخيل للأديب.

-      يختلف المنهج الموضوعاتي عن كل من المنهجين الواقعي والانطباعي في كونه مسلحا بوعي ظاهري يتجاوز سطح النص الدلالي إلى عالمه الداخلي.

-      قامت استراتيجية رواد المنهج المتأثرين بباشلار، مثل ريشار وستاروبنسكي وجورج بولي، على مقاربة النص وفق عملية ثلاثية قوامها التجميع، والتعميم، والوسم.

-      لا يقوم التحليل الموضوعاتي للنص الأدبي على العملية الإحصائية الفجة، بقدر ما يقوم على القراءة الصبورة الدقيقة لاكتشاف عالم النص الداخلي.

    أما في الشق الإجرائي لبحثنا، ومن خلال دراستنا لكتاب الناقد الجزائري يوسف وغليسي الموسوم  

    ب"التحليل الموضوعاتي للخطاب الشعري"، فتوصلنا إلى النتائج الآتية:

-      لاحظنا سبْق الكاتب إلى جرد واستقصاء الممارسات الموضوعاتية العربية سواء من خلال المؤلفات أو الأطروحات الجامعية، وقد كان بذلك يؤصل للمنهج الموضوعاتي في النقد العربي راصدَا ماضيه وراهنه، في مسعى انفرد به، فدراسته تأصيلية بامتياز.

-      اعتبرنا مقاربة الناقد في القسم الثاني من دراسته ابستيمولوجية لأنها لم تكتف بالعرض الوصفي لكتابات النقاد، بل تعدت ذلك إلى مساءلة مناهجهم وجدواها النظرية والإجرائية.

-      لا حظنا في الشق الإجرائي أن الإحصاء المعجمي، والعروضي خاصة، قد هيمنا على دراسة الشاعر لا سيما في نموذجيه الأولين، وقد لاحظنا بصفة خاصة، أن الإحصاء العروضي، وتعسف الناقد في ربط الإيقاع بالموضوعة، لا يخدمان الإجراء الموضوعاتي.

-      لاحظنا في دراسة الشاعر" لجدارية" درويش أنه سعى لابتكار مفاهيمه الاصطلاحية، وأدواته الإجرائية الخاصة، وهذا أمر لا نملك إلا أن نثمنه.

-      - على هامش الملاحظات السابقة يمكننا الإشارة إلى بعض مآخذنا الثانوية على الناقد، وهي لا تنتقص بحال من قيمة عمله وسبْقه، من ذلك دعواه ابتكار بعض المصطلحات، التي سُبق إليها في الحقيقة، مثل "عقدة جلجامش" التي سبقته إليها "خالدة سعيد" و"تيميم Thémème" التي سبقه إليها غريغور سينسيلاي. ومما آخذنا به الناقد تقزيمه لدور المؤسس باشلار رغم إجماع النقاد على ريادته، وربما كان مسوقًا في ذلك بتفضيله وتبنيه منهج جون بول فيبر. ومما آخذناه به تداخل مصطلحي التيمة والموضوع عنده، وتفضيله ترجمة thème أي الموضوعة بموضوع رغم دلالة الموضوع على كلمة objet الفرنسية وهذا يسبب التباسا للمتلقي.

 

 

الهوامش:



[1] محمد بوعزة، نحو ابستيمولوجيا جهوية للخطاب النقدي، مجلة أوان البحرينية، العدد الثالث والرابع 2003، ص34.

[2] المرجع والصفحة نفسهما.

[3] Pierre N’da, Initiation aux méthodes de recherche, aux méthodes critiques d'analyse des textes et aux méthodes de rédaction, Edition :Connaissances Et Savoirs, 2016, p 46-47.

[4] Émond, Maurice, Les approches thématique et mythocritique. Québec français, 1987, (65), p89.

[5] Ibid.

[6] Ibid.

[7] ميشيل كولو، النقد الموضوعاتي، ترجمة غسان السيد، مجلة الآداب الأجنبية، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، العدد 93، شتاء 1997، السنة الثالثة والعشرون، ص36.

[8] المرجع نفسه، ص 38.

[9] المرجع والصفحة نفسهما.

[10] المرجع نفسه، ص 38-39، بإيجاز وتصرف.

[11] ينظر مثلا لا حصرا:

Yves Baudelle, La critique contemporaine, in:Frank Baert, Dominique Viart (Eds),La littérature française contemporaine: questions et perspectives,Leuven University Press, 1993,P 131.

Mamadou Abdoulaye Ly, La théâtralité dans les romans d'André Malraux, Editions L'Harmattan, 2012, P 17.

Ilona Kovács, Introduction aux méthodes des études littéraires, Bölcsész Konzorcium HEFOP Iroda, Budapest, 2006, P 42.

متاح للتحميل على الرابط الآتي: https://mek.oszk.hu/05300/05324/05324.pdf

 

[12] مسعودة لعريط، مفهوم المنهج الموضوعاتي في المقاربات الغربية الحديثة، مجلة التبيين، الجاحظية، الجزائر، العدد36، جانفي 2011، ص75.

[13] Mamadou Abdoulaye Ly, op cité, p 17.

[14] Ibid.

[15] Ibid وما بين قوسين من عملنا للتوضيح.

[16] Crosman Wimmers Inge. Thématique et poétique de la lecture romanesque. In: Communications, 47, 1988, p 63.

[17] عبد الكريم حسن المنهج الموضوعي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، ط1 1411ه-1990م، ص 41، بتصرف.

[18] المرجع والصفحة نفسهما.

[19] المرجع نفسه، ص43.

[20] المرجع نفسه، ص42.

[21] يوسف وغليسي، التحليل الموضوعاتي للخطاب الشعري، جسور للنشر والتوزيع، ط1، 1438ه-20017م، ص11.

[22] المصدر نفسه، ص 12.، وتنظر أيضا ص225 و ص247.

[23] محمد بلوحي، النقد الموضوعاتي، الأسس والمفاهيم، الموقف الأدبي، اتحاد الكتاب العرب، دمشق،المجلد 33، العدد 394 ، 29 فبراير/شباط 2004، ص40.

[24] خالدة سعيد، الحداثة أو عقدة جلجامش، مجلة مواقف، العددان 51-52، دار المشرق، بيروت، صيف وخريف 1984، ص23-24.

[25] يوسف وغليسي، المصدر السابق، ص12.

[26] Antoinette Weber-Caflisch,La scène et l'image: Le régime de la figure dans Le soulier de satin, Annales littéraires de l'Université de Besançon, Paris, 1985, p14.

[27] Nina CUCIUC, RÉÉVALUATION DU CONCEPT THÉORIQUE DE L’UNITÉ SIGNIFICATIVEMINIMALE DE LA SYNTHÉMATIQUE :LE THÉMÈME,In: Christophe CUSIMANO / Alena PODHORNÁ-POLICKÁ / Zuzana RAKOVÁ (éds.),ACTES DU XXXVe COLLOQUE INTERNATIONAL DE LINGUISTIQUE FONCTIONNELLE

Brno, 18-22 septembre 2013, MASARYKOVA UNIVERZITA, BRNO 2016, P101.

[28] يوسف وغليسي، المصدر السابق، ص17.

[29] المصدر نفسه، ص18، والتأكيد على العبارة من عملنا.

[30] المصدر نفسه، ص139.

[31] Vincent Therrien, La revolution de gaston bachelard en critique litteraire, Klincksieck, Paris, 1970,  P Xiii

[32] المصدر نفسه، ص 20-24.

[33] المصدر نفسه، ص35.

[34] المصدر نفسه، ص 35-36.

[35] ينظر المصدر نفسه، ص 47-49.

[36] المصدر نفسه، ص64.

[37] من المراجع التي تتجاهل فيبر:

ميشيل كولو، النقد الموضوعاتي، سبق ذكره.

W.Smekens, Thématique, in :Maurice delcroix et Fernand Hallyn  (Eds)  Méthodes du texte: Introduction aux études littéraires, De Boeck Supérieur, 1987.

Pierre N’da, Initiation aux méthodes de recherche, op cité.

Mamadou Abdoulaye Ly, La théâtralité dans les romans d'André Malraux, op cité.

Émond, Maurice, Les approches thématique et mythocritique, op cité.

 

[38] ينظر المصدر السابق، ص 96.

[39] المصدر نفسه، ص97-100.

[40]المصدر نفسه ص 101-114.

[41]المصدر نفسه ص 115-126

[42] المصدر نفسه ص 129-138.

[43] المصدر نفسه ص139-141.

[44] المصدر نفسه ص 142-148.

[45] المصدر نفسه، ص 149-156.

[46] المصدر نفسه، ص23.

[47] المصدر نفسه، ص66.

[48] تنظر مثلا الصفحة 68، وكذلك الصفحة 244.

[49] المصدر نفسه، ص61.

[50] المصدر نفسه، ص 118-122.

[51] المصدر نفسه، ص161-162.

[52] المصدر نفسه، ص 170-183.

[53] Jean-Paul Weber, Genèse de l'oeuvre poétique, Gallimard, 1960, p 33-90.

[54] ينظر المصدر نفسه، 184-188.

[55] المصدر نفسه، ص 191-199.

[56] المصدر نفسه، ص 203.

[57] المصدر نفسه، ص208-224.

[58] تنظر الصفحة 7 من بحثنا هذا.

[59] يوسف وغليسي، المصدر السابق، ص 29-31.

[60] المصدر نفسه، ص232-236.

[61] المصدر نفسه، 237-250.

[62] المصدر نفسه، ص 250-253.

[63] المصدر نفسه، ص245-258.

[64] عبد الوهاب البياتي، الأعمال الشعرية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1995، الجزء الأول، ص 267.

[65]ديوان أحمد عبد المعطي حجازي، دار العودة، بيروت، ط3، 1982،  ص470.

[66] ينظر، يوسف وغليسي، المصدر السابق، ص 262-269.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire