Nombre total de pages vues

lundi 6 décembre 2010

شريف الشافعي : شاعر الوحدة الفار إلى كوكب افتراضي








شريف الشافعي: شاعر الوحدة الفار إلى كوكب افتراضي

يبدو الشاعر الشفاف حد الغموض ، شريف الشافعي استثناء من عدة نواح:
من ناحية معجمه ما بعد الحداثي أو فائق الحداثةPost-moderne ، و من خلال تيمة الوحدة و التفرد التي تعلن انسحابه من العالم الواقعي و انتماءه إلى عالم افتراضي نسجت خيوطه من حقول متباينة يمكن ان نحصرها في الحقل الرومنسي و الحقل الحاسوبي الأنترنيتي ، و الحقل الواقعي المستوحى من لغة الإعلام .
إذا تناولنا المفردة الحاسوبية الأنترنيتية وحدها عند الشاعر أمكننا اعتبارها الإيقونة المثلى لتيمة التوحد و العزلة ، فالشاعر المعتكف والمنعكف على حاسوبه هو الشاعر المنسحب من الواقع ، و لكنه في الآن نفسه المطل عليه من نافذة كونية فسيفسائية ، بحثا عن مثل أعلى أو عن نيرمانا أو نيرفانا التي تختصر كل النساء و كل اللذائذ و كل القيم..لكن ما يعثر الشاعر به في النهاية هو هذه اللغة أو الكائن اللغوي المسمى قصيدة فليست نيرمانا او نيرفانا في النهاية إلا القصيدة.
لكن القصيدة عنده كالحلم ، او كتجسد نيرمانا نفسها التي قد تكون مجعدة الشعر ، او ابتسامة " غير قادرة على الطيران" أو أصفارا تحلق فوق رأس الشاعر ..إنها نيرمانا المؤجلة ، أو القصيدة غير المكتملة دوما..أو هي القصيدة المستحيلة التي تستنفد كل احتمالات الكتابة ، و كل حيل التجريب من نيرمانا Nirmana إلى نيرما Nirma إلى نيرميتا Nirmitta ..و صولا إلى N أو النون ، و ما يسطرون....لكن الاحتمالات ال16 تتوج بأصفار 16 تحلق فوق رأس الشاعر حاملة أجزاء من مخه المستنفد في رحلة البحث المستحيل عن تجسد نيرمانا أو نيرفانا...أو النون.الحل ليس إلا الهروب من لعبة الشكل ، و الهجرة بالتالي إلى كوكب آخر ، إلى كوكب البداية و المعنى العذري حيث يغيب الاصطناع و التجريب و التشذيب ، أو حيث لا أحد يقلم أظافره..
لكن بعض مفاصل التجربة عند الشافعي تضج بدعوى الاكتمال..أو فلنقل تضج بنرجسية الشاعر القابض أو الذي يكاد يقبض ، على رؤياه و لغته بعد طول بحث ، و لكن " نيرمانا" الشافعي تظل ، في ظل نرجسية الامتلاك ، ضوءًا وامضًا و منطفئا ً باستمرار ، أو فلنقل هي حضور غائب ، و غياب حاضر ، أو هي بلغة أقرب إلى لغة الكشف و الإشراق الذات نفسها في انكشافها لذاتها و احتجابها عنها:

رغم عدم حصولي على الرُّخْصَةِ
شَعرْتُ بسعادةٍ لا تُوصَفُ
لأنني تَمَرَّنْتُ على قيادة ذاتي
في المشاوير الاستثنائيّةِ

....
تتسرَّبين أيضًا بسهولةٍ في مسامِّ جِلْدِي المتشقِّقِ
تتشَّرَبُكِ ذرّاتي المترابطةُ
المتعطّشةُ إلى التحلُّلِ
في الجيرِ الحيّ
.........

تَوَقَّعْتُ حُلْمًا بديعًا في تلك الليلةِ
خصوصًا بعد أن قررتُ النوم بدون عشاءٍ
وبدون غطاءٍ

بالفعل
طَلَعَتْ نيرميتا من الشَّرْنقةِ
وراحتْ تُطقْطقُ عُنقَها بدلالٍ عدة مراتٍ
وأنا أُصَفِّقُ لها بحرارةٍ
........

رمالُ نيرمانا وغبارُِها الذّرّيُّ،
فوق جِلْدِي وَجِلْدِ حذائي،
تؤكّدُ أنها اخْتَرَقَتْ حدودي وأسلاكي الشّائكةَ
عابرةً من مكانٍ ما
إلى مكانٍ ما
........

نيرفانا
"
صباح الخير" من شَفَتَيْها كافيةٌ جدًّا لأتساءلَ:
"
كيف سأتحمَّلُ رائحةَ البشرِ أمثالي
بعد أن غمرني عِطْرُ الملائكةِ؟!"
........
في اعترافاتي أنا،
في منزلي ودون أي ضغوط،
ورد أني أغش الجميع،
حيث أحتضنهم بذراعين مستعارتين
بينما ذراعاي الحقيقيتان تطاردان نونا
أملاً في احتضانها.
....
خلف نيرمانا الممتدة أمامي كستار
أرى الحياة والموتَ بوضوحٍ على المسرح
وهما يتبادلان المقاعد والأدوار
وأرى نفسي مقبلاً نحوي بخطواتٍ متسارعةٍ
هل نيرمانا شفافةٌ إلى هذا الحدِّ،
أم أنها لا وجود لها؟

....
و الشاعر عند الشافعي ، هو المعادل لتيمة الوحدة ، التي أراها التيمة الأبرز في نصوصه.فالشعر هو موقف انعزالي من العالم ، أو فلنقل هو رؤية متعالية على الواقع ، تسعى إلى نسخه و إلغائه ، و اللبنات التي يبني بها الشاعر عالمه الجديد ليست إلا مفردات اللغة:
أصنعُ من خَجَلي المتورّمِ منطادًا
أصعد به إلى أقدمِ كوكبٍ في المجرَّة
حيث لا أحد يقلّمُ أظافِرَهُ الجميلةَ،
التي يحفرُ بها مسالكَ حياتهِ
ويحفرُ بها قَبْرَهُ
..
هذا المقطع الأخير يلخص كثيرا من الشافعي الشاعر و الإنسان.الشاعر الباحث عن البدايات ، أو عن معنى المعنى ، و الإنسان الباحث عن الجوهري و الخالد بعيدا عن قشرة الزائل و اليومي.

أخيرا ، هذا نص كيبوردي ، مرتجل ، مهدى إلى الشافعي:

نيرمانا
تسبح عارية في محبرتي..
و حين أقلب المحبرة..
على الورقة..
بخبث متلصص ..
يفاجئني صمت الورقة..
إلى أين هربت نيرمانا؟..
أحيانا يفاجئني طيفها في مرآة رقمية..
و أحيانا ..
أسمع أنينها الخافت
في طية حاسوبي المحمول..
و أحيانا يدغدغ أنفي طرف ردائها..
لكنني أبدا،
لم أحدق في عينيها.
قالت لي مرة:
إنك لن تراني
و إذا أردت أن تراني..
فانظر إلى حاسوبك..
فإذا استقرت حروفه
فسوف تراني.
نظرت إلى حاسوبي ..
فكدت أخرٌّ صعقا
حين قرأت الرسالة التالية:
We Cannot find your page


الدكتور رياض بن يوسف - الجزائر

منشور بموقع الحوار المتمدن يتاريخ2010/12/03